إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا 2025

دمشق،يوليو 2025
مقدمة
بعد أكثر من عقد من الصراع، تكبّدت سوريا خسائر فادحة في بنيتها التحتية، ما أثّر بشكل مباشر على جودة الحياة، والأنشطة الاقتصادية، والخدمات العامة. ومع بدء مرحلة من الاستقرار السياسي بعد ديسمبر 2024، أصبحت إعادة الإعمار أولوية وطنية ملحة لتحقيق التعافي الشامل.
يستعرض هذا التقرير، المُعد خصيصًا لـبوابة الأعمال السورية، واقع إعادة الإعمار في عام 2025، من حيث حجم الدمار، الجهود الجارية، التحديات، والفرص الاستراتيجية أمام القطاعين العام والخاص.
أولًا: حجم الدمار – أرقام ودلالات
وفق تقديرات الأمم المتحدة، تجاوزت خسائر البنية التحتية السورية 400 مليار دولار حتى نهاية الحرب. وتتوزع الأضرار الكبرى على القطاعات التالية:
- 🏚️ الإسكان: تدمير أو تضرر أكثر من 1.2 مليون وحدة سكنية (ثلث المساكن).
- ⚡ الطاقة: تدمير 59 محطة تحويل كهرباء، بتكلفة إصلاح تقديرية تفوق 40 مليار دولار.
- 🚧 النقل: تضرر 60% من شبكات الطرق والجسور، مما أدى إلى شلل جزئي في حركة البضائع والأفراد.
- 💧 المياه والصرف الصحي: تدمير 50% من أنظمة الري وشبكات المياه.
- 🏥 المنشآت العامة: تضرر نحو نصف المستشفيات والمدارس، ما انعكس سلبًا على التعليم والرعاية الصحية.
ثانيًا: الجهود الحالية لإعادة الإعمار
🏗️ 1. دور القطاع الخاص
شهد النصف الأول من عام 2025 ترخيص 1336 مشروعًا صناعيًا وحرفيًا بقيمة إجمالية تبلغ 157 مليون دولار، وتركّزت الاستثمارات في حسياء وعدرا لإعادة تأهيل البنية التحتية الصناعية والخدمية.
🌍 2. شراكات دولية فاعلة
أبرمت الحكومة السورية اتفاقيات تعاون مع دول مثل إيران وبيلاروسيا لإعادة إعمار الطرق ومحطات الكهرباء، إلى جانب دعم تقني ومالي من منظمات مثل البنك الدولي وUNIDO.
🤝 3. نماذج الشراكة (PPP & BOT)
تعتمد الحكومة على نماذج البناء-التشغيل-النقل (BOT) لتمويل مشاريع الكهرباء والمياه، ما يخفف العبء على الميزانية العامة ويشجع الاستثمارات.
🏭 4. إعادة تنشيط المدن الصناعية
تركز الحكومة على تطوير المدن الصناعية كمراكز اقتصادية جديدة، وخاصة مدينة حسياء، مع تحسين شبكات الطرق والطاقة لجذب المستثمرين المحليين والأجانب.
ثالثًا: التحديات القائمة
💸 1. فجوة تمويلية كبيرة
رغم الدعم الدولي، تتطلب إعادة الإعمار استثمارات ضخمة تتجاوز القدرات الذاتية للحكومة السورية.
🔌 2. أزمة الطاقة المستمرة
تدمير محطات الكهرباء أدى إلى انقطاعات متكررة، ما يعرقل مشاريع البناء ويزيد من تكلفتها.
🧱 3. تضخم تكاليف مواد البناء
انهيار الليرة السورية (من 45 إلى 15,000 مقابل الدولار) رفع أسعار الإسمنت والحديد ومواد البناء المستوردة بشكل كبير.
👷 4. نقص في الكوادر المؤهلة
هجرة آلاف المهندسين والفنيين خلال الحرب خلّفت عجزًا في القوى العاملة المتخصصة بإدارة وتنفيذ مشاريع البنية التحتية.
🚛 5. ضعف الخدمات اللوجستية
الدمار الواسع لشبكات الطرق والجسور لا يزال يعيق نقل المواد والمعدات إلى مناطق البناء، ما يؤخر تنفيذ المشاريع.
رابعًا: فرص إعادة الإعمار في 2025
💰 1. جذب الاستثمارات الأجنبية
يمثل الاستقرار السياسي فرصة لجذب رؤوس أموال خليجية وأوروبية لتمويل مشروعات حيوية، خاصة في قطاع الطاقة والنقل.
🌆 2. تطوير مدن حديثة مستدامة
إنشاء مدن صناعية وسكنية ذكية مثل حسياء، مزوّدة ببنية تحتية حديثة، يعزز التوسع الحضري والنمو الاقتصادي المتوازن.
☀️ 3. الاعتماد على الطاقة المتجددة
يمثل الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بديلًا فعالًا لتخفيف الضغط على الشبكة الكهربائية الوطنية.
🚰 4. إصلاح القطاعات الحيوية
إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والصرف الصحي يدعم الزراعة، بينما إصلاح الطرق يعزز التجارة والنقل بين المحافظات.
خامسًا: توصيات استراتيجية
✅ 1. تعزيز التعاون الدولي
توسيع الشراكات مع منظمات مثل البنك الدولي، UNDP، UNIDO للحصول على تمويل تقني ومالي طويل الأمد.
✅ 2. تطوير نماذج تمويل مبتكرة
الاعتماد على نموذج PPP وBOT لتمويل مشاريع النقل والطاقة والمياه بشكل مستدام وفعال.
✅ 3. إصلاح قطاع الطاقة
إعادة تأهيل محطات الكهرباء التقليدية، مع البدء بمشاريع الطاقة البديلة لدعم الشبكة وتخفيض الكلفة.
✅ 4. تدريب الكوادر المحلية
إطلاق برامج تدريب مهني متخصصة بالتعاون مع منظمات دولية لإعادة تأهيل الفنيين والمهندسين السوريين.
✅ 5. تطوير البنية اللوجستية
إعادة إعمار الطرق الحيوية والجسور لتمكين نقل المعدات والمواد وتسريع تنفيذ المشاريع.
خاتمة
تُعد إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا مفتاحًا للتعافي الاقتصادي واستعادة الخدمات الأساسية، كما تمثل فرصة لإعادة بناء مدن أكثر كفاءة واستدامة.
ورغم التحديات الكبرى في التمويل والطاقة والموارد البشرية، فإن الجهود الحالية والشراكات الدولية، إلى جانب الاستقرار السياسي، تفتح المجال أمام فرص واعدة لإعادة بناء بلدٍ قادر على التقدّم.
منصة بوابة الأعمال السورية تواصل دورها كمحفّز وموجه للاستثمار في هذا القطاع الحيوي، من خلال عرض المشاريع، تسليط الضوء على النجاحات، وربط الجهات المحلية والدولية بالشركاء المناسبين.