الصناعات الغذائية الزراعية كمحرك للنمو في سوريا 2025

دمشق،يوليو 2025
مقدمة
تشكّل الصناعات الغذائية الزراعية أحد المحركات الحيوية للنمو الاقتصادي في سوريا، نظرًا لما توفره من قيمة مضافة للمحاصيل الزراعية وفرص عمل واسعة في المناطق الريفية والحضرية على حد سواء. ومع دخول البلاد مرحلة من الاستقرار السياسي بعد ديسمبر 2024، برزت هذه الصناعات كقطاع واعد قادر على دعم الأمن الغذائي الوطني، وتحفيز الصادرات، وتعزيز الاقتصاد المحلي.
يهدف هذا التقرير، المُعد للنشر عبر بوابة الأعمال السورية، إلى تحليل واقع الصناعات الغذائية في عام 2025، واستعراض الفرص الكامنة والتحديات القائمة، مع تقديم توصيات استراتيجية لتسريع نمو هذا القطاع.
أولًا: أهمية الصناعات الغذائية الزراعية
- 🔹 تعزيز الأمن الغذائي المحلي
تُسهم هذه الصناعات في توفير منتجات أساسية مثل الألبان، الأجبان، زيت الزيتون، والمعلبات، مما يخفف من الاعتماد على الواردات. - 🔹 توفير فرص عمل وتنمية ريفية
يعمل نحو 20% من القوى العاملة السورية في القطاع الزراعي والصناعات المرتبطة به، مما يجعلها مصدر دخل رئيسي في المناطق الريفية. - 🔹 تعزيز الصادرات وجلب العملة الصعبة
تتمتع منتجات مثل زيت الزيتون والحلويات الشرقية بسمعة جيدة في الأسواق الإقليمية، ما يجعلها بوابة للتوسع في الخليج وتركيا وأوروبا. - 🔹 رفع القيمة الاقتصادية للمحاصيل
تحويل المحاصيل الخام إلى منتجات مصنعة (مربيات، عصائر، معلبات) يزيد العائد المالي، ويقلل الهدر الزراعي، ويخلق سلاسل توريد محلية متكاملة.
ثانيًا: الوضع الراهن في عام 2025
- ✅ تحسن الإنتاج الزراعي
بدعم من FAO وبرامج بذور وأسمدة محسنة، شهد عام 2025 تحسنًا في إنتاج القمح، الزيتون، والخضروات، ما وفّر قاعدة خام قوية للمصانع. - ✅ إعادة تأهيل المصانع
وفق بيانات وزارة الصناعة، تم ترخيص 1336 مشروعًا صناعيًا وحرفيًا في النصف الأول من 2025، بقيمة 157 مليون دولار، غالبيتها مصانع تجهيز أغذية في حسياء وعدرا. - ✅ دعم تقني من UNIDO
أطلقت منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO) برامج لتطوير وحدات تصنيع الألبان وزيت الزيتون، مع التركيز على تحسين الجودة والتغليف. - ✅ طلب متزايد على المنتجات السورية
يزداد الإقبال على المنتجات الغذائية السورية في الخليج وتركيا، مدعومًا بمبادرات مثل معرض “صنع في سورية” الذي يروّج للمنتجات الوطنية إقليميًا.
ثالثًا: التحديات القائمة
1. شح المياه
يؤدي انخفاض هطول الأمطار وتراجع كفاءة الري إلى نقص في المواد الخام الزراعية، ما ينعكس سلبًا على استمرارية الإنتاج الصناعي.
2. ضعف البنية التحتية للطاقة
انقطاعات الكهرباء وتدمير 59 محطة تحويل (بحاجة إلى 40 مليار ليرة للإصلاح) يزيد من تكاليف التشغيل ويؤثر على جودة الإنتاج.
3. ارتفاع التكاليف ونقص التمويل
انهيار الليرة السورية رفع كلفة المواد الأولية المستوردة مثل السكر والزيوت، في حين تواجه المصانع الصغيرة صعوبات في الوصول إلى التمويل.
4. نقص الكوادر الفنية
تراجع عدد الفنيين المؤهلين نتيجة الهجرة وضعف التعليم الفني، ما أدى إلى صعوبات في تشغيل خطوط إنتاج حديثة وتطبيق معايير الجودة.
رابعًا: فرص النمو والتوسع في 2025
- 🌿 تطوير منتجات ذات قيمة مضافة
الاستثمار في إنتاج مشتقات الألبان، العصائر الطبيعية، المربيات، ومنتجات الحمية يمكن أن يفتح أبوابًا جديدة للأسواق المحلية والخارجية. - 🌍 تعزيز التصدير وتوسيع الأسواق
عبر الحصول على شهادات جودة عالمية (ISO، HACCP)، يمكن للمصانع دخول أسواق جديدة في الخليج وأوروبا الشرقية. - 🤝 بناء شراكات دولية
التعاون مع منظمات مثل UNIDO، FAO، والبنك الدولي لتحديث المصانع وتمويل خطوط إنتاج حديثة وتطوير سلاسل التوريد. - 🧑🌾 تمكين الصناعات الريفية الصغيرة
دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في المناطق الزراعية لتجهيز المنتجات محليًا يعزز الدخل الريفي ويقلل تكاليف النقل.
خامسًا: توصيات استراتيجية للنهوض بالصناعات الغذائية
1. تحسين البنية التحتية الإنتاجية
- إصلاح شبكات الري والكهرباء عبر شراكات (PPP) لضمان استدامة الطاقة والمياه.
2. دعم برامج التصدير
- تنظيم معارض غذائية خارجية، وتأسيس علامة تجارية وطنية للمنتجات السورية ذات الجودة العالية.
3. تدريب وتأهيل الموارد البشرية
- تنفيذ برامج تدريبية مع UNIDO لتطوير المهارات الفنية والتقنية في الصناعات الغذائية.
4. تمويل مرن للمشاريع الصغيرة والمتوسطة
- توسيع دور الصندوق السوري للاستثمار لتوفير قروض منخفضة الفائدة لمصانع الأغذية، لا سيما في المناطق الريفية.
5. استخدام التكنولوجيا في التصنيع
- إدخال تقنيات حديثة في التجفيف، التعقيم، التعبئة والتغليف، لزيادة فترة صلاحية المنتجات وخفض نسبة الفاقد.
خاتمة
تمثل الصناعات الغذائية الزراعية في سوريا ركيزة استراتيجية للنمو الاقتصادي في عام 2025، بفضل توافر الموارد الزراعية، وتزايد الطلب المحلي والإقليمي، والدعم الدولي. ورغم التحديات المتعلقة بشح المياه، الطاقة، والتكاليف، إلا أن الفرص الكامنة في التحديث والتصدير ودعم المشاريع الصغيرة قادرة على تحويل هذا القطاع إلى محرك رئيسي للتنمية.
تُعد بوابة الأعمال السورية منصة مثالية لعرض هذه الفرص والتحديات، وتحفيز المستثمرين المحليين والدوليين على دعم هذا القطاع الحيوي وبناء مستقبل غذائي مستدام لسوريا.