دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سوريا: خطوة نحو اقتصاد إنتاجي شامل

بوابة الأعمال السورية – دمشق، 16 حزيران 2025
تشكل المشاريع الصغيرة والمتوسطة (SMEs) شريان الاقتصاد السوري، وتمثل أكثر من 80% من مجمل النشاط الاقتصادي في البلاد. ومع رفع العقوبات في مطلع عام 2025، أطلقت الحكومة السورية سياسة دعم جديدة تستهدف هذه الفئة، عبر قروض ميسّرة وبرامج تدريب، في خطوة تهدف إلى تحفيز النمو وخفض معدلات البطالة.
هذا التقرير يسلط الضوء على أثر هذه السياسة على الاقتصاد الكلي، ويقيّم أبرز الفرص والتحديات المرتبطة بتنفيذها.
🔍 خلفية: تهميش تاريخي ومحاولات استدراك
خلال سنوات العقوبات، عانت المشاريع الصغيرة والمتوسطة من:
- نقص حاد في التمويل والمصادر المصرفية
- ضعف البنية التحتية القانونية والتقنية
- غياب برامج التدريب والتأهيل الإداري
مع بداية 2025، أسست الحكومة صندوق دعم المشاريع الصغيرة بقيمة 20 مليار ليرة سورية، بدعم جزئي من تحويلات المغتربين التي عادت إلى التدفق عبر نظام SWIFT، ما أتاح للمصارف المحلية هامشًا أوسع في التمويل والإقراض.
📈 التحليل: مؤشرات أولية على التحسن
تشير الأرقام خلال النصف الأول من 2025 إلى ما يلي:
- 5,000 مشروع صغير ومتوسط حصل على تمويل ميسر
- خلق نحو 15,000 فرصة عمل جديدة، غالبيتها في المدن والمناطق المحيطة
- تركّز التمويل في قطاعات التصنيع الغذائي، والخدمات، والحرف التقليدية
- استفاد مئات رواد الأعمال من برامج تدريب ريادي نفذتها مؤسسات حكومية بالتعاون مع منظمات دولية
وقد ساهمت هذه الإجراءات في تحسين إنتاجية العديد من الورش والمحال الصغيرة، وتعزيز ثقة المستثمرين المحليين في فرص النمو.
⚠️ التحديات: التمويل لا يكفي وحده
رغم الإيجابيات، لا تزال السياسة تواجه عقبات يجب التعامل معها بجدية:
1. محدودية التمويل المستدام
تبقى قيمة الصندوق محدودة مقارنة بعدد المشاريع المحتاجة، خصوصًا مع ضعف مساهمة القطاع المصرفي التجاري في الإقراض التنموي.
2. ضعف البنية التحتية
في العديد من المناطق الريفية، لا تتوفر الخدمات الأساسية (كهرباء، إنترنت، مواصلات)، مما يقلل من فرص نجاح المشاريع الجديدة.
3. أسعار فائدة غير تنافسية
رغم تسميتها بالقروض الميسرة، لا تزال بعض القروض تحمل أسعار فائدة مرتفعة نسبيًا، مما يضعف الجاذبية بالنسبة لأصحاب المشاريع الصغيرة.
🛠️ التوصيات: نحو تمكين حقيقي ودائم
لتحقيق أثر فعلي ومستدام، توصي بوابة الأعمال السورية بما يلي:
- رفع رأسمال صندوق الدعم تدريجيًا وتوجيه جزء من تحويلات المغتربين لهذا الغرض
- توسيع مظلة التدريب الريادي لتشمل المناطق الريفية والضواحي
- إنشاء حاضنات أعمال متخصصة لدعم المشاريع الناشئة في القطاعات ذات القيمة المضافة
- إعفاء جزئي أو كلي من الضرائب والرسوم في السنوات الثلاث الأولى
- تشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص لإطلاق برامج تمويل تعاونية
✅ الاستنتاج: المشاريع الصغيرة مفتاح التعافي الاقتصادي
لا يمكن الحديث عن تعافٍ اقتصادي شامل دون تمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة، التي تملك القدرة على خلق فرص عمل، وتنشيط الأسواق المحلية، ورفع سوية الإنتاج المحلي.
مع مزيد من التمويل، وتوسيع برامج التدريب، وتحسين البيئة التشريعية، يمكن لهذه المشاريع أن تتحول من أدوات للعيش الفردي إلى محركات حقيقية للنمو والتنمية في سوريا ما بعد الحرب.