سوق السلع الغذائية في سوريا بعد رفع العقوبات: انتعاش تدريجي وتحديات مستمرة

بوابة الأعمال السورية – دمشق، 19 حزيران 2025
بعد رفع العقوبات الاقتصادية مطلع 2025 وإعادة تفعيل نظام SWIFT، بدأت ملامح تحول جديدة تظهر في سوق السلع الغذائية السوري، مدفوعة بانتعاش الإنتاج الزراعي، وتزايد الاستيراد، وتحسن القدرة الشرائية. وفي ظل هذه الديناميكيات الجديدة، يعيد هذا التحليل تقييم توازن العرض والطلب، ويرصد أهم التحديات والفرص في طريق تحقيق أمن غذائي مستدام في مرحلة إعادة الإعمار.
🌾 أولًا – العرض: الإنتاج المحلي يتعافى
شهد النصف الأول من عام 2025 نموًا واضحًا في الإنتاج الزراعي المحلي، بفضل:
- برامج حكومية لدعم الفلاحين عبر توزيع البذور والأسمدة المدعومة
- إعادة تأهيل شبكات الري في مناطق حيوية مثل الغوطة الشرقية ودير الزور
- تيسير استيراد مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والمبيدات عبر نظام SWIFT
على سبيل المثال، ارتفع إنتاج القمح إلى 1.2 مليون طن في موسم 2024–2025، مقارنة بـ 900 ألف طن في الموسم السابق.
كما ساهم تحسن الظروف اللوجستية وعودة بعض خطوط التوريد في زيادة إنتاج الحبوب والخضروات، مما ساهم في تخفيف الضغط على السوق المحلية.
🛒 ثانيًا – الطلب: استقرار نسبي وعودة القوة الشرائية
من جهة الطلب، شهدت السوق تحسنًا في:
- القوة الشرائية للأسر السورية، مدفوعة بزيادة تحويلات المغتربين بنسبة 30%
- استقرار الليرة السورية عند حدود 10,000 ليرة مقابل الدولار
- انخفاض معدل التضخم الغذائي نسبيًا مقارنة بعام 2023
ورغم ذلك، فإن الأسر ذات الدخل المحدود ما زالت تواجه صعوبة في الوصول إلى بعض المنتجات ذات الجودة العالية، نتيجة:
- ارتفاع تكاليف النقل
- تفاوت الأسعار بين المدن والمناطق الريفية
- ضعف برامج الدعم الغذائي المباشر
⚠️ ثالثًا – التحديات: عقبات تعيق النمو المتوازن
لا يزال السوق يواجه عدة تحديات تؤثر على كفاءة توزيع الغذاء واستقرار الأسعار:
1. نقص الطاقة
يؤدي انقطاع الكهرباء ونقص الوقود إلى:
- ارتفاع تكاليف التبريد والنقل
- هدر جزء من الإنتاج الزراعي قبل التسويق
2. ضعف البنية التحتية اللوجستية
غياب شبكات نقل متطورة يحد من وصول السلع إلى المناطق النائية بكفاءة، ويزيد من تكاليف التوزيع.
3. المنافسة من الواردات الرخيصة
خاصة من تركيا، ما يهدد المنتجين المحليين ويضعف قدرتهم على المنافسة دون دعم حكومي.
🌱 رابعًا – الفرص: الزراعة الذكية والتصدير الإقليمي
رغم التحديات، يوفر المشهد الجديد فرصًا واعدة تشمل:
- توسيع أسواق التصدير لمنتجات مثل الزيتون، القمح، والخضروات، خاصة إلى العراق ولبنان
- دعم التعاونيات الزراعية لرفع كفاءة الإنتاج وتقليل الفاقد
- تطبيق تقنيات الزراعة الذكية مثل الري بالتنقيط والتحليل الرقمي للتربة
- شراكات مع منظمات دولية لدعم برامج الأمن الغذائي وتنمية الريف
✅ الاستنتاج: سوق حيوي يتطلب حوكمة وإصلاحات
إن سوق السلع الغذائية السوري في عام 2025 يدخل مرحلة تعافٍ مرنة لكنها غير مكتملة. فبينما تظهر مؤشرات إيجابية على صعيد الإنتاج المحلي واستقرار الأسعار، إلا أن ضعف البنية التحتية ونقص التمويل والطاقة لا تزال تقيد النمو الشامل.
لذلك، توصي بوابة الأعمال السورية بصياغة استراتيجية وطنية تشمل:
- تقديم دعم مباشر للمزارعين في صورة قروض أو إعانات
- الاستثمار في الطاقة المتجددة لخدمة القطاعات الزراعية
- تطوير شبكات النقل والتخزين المبرد
- وضع سياسات تنظيمية للحد من المضاربة والاحتكار
مع هذه الإصلاحات، يمكن لسوق السلع الغذائية أن يلعب دورًا محوريًا في تحقيق أمن غذائي فعلي ودعم استقرار الاقتصاد السوري في مرحلة ما بعد التحرير.