سوق الطاقة في سوريا بعد رفع العقوبات: نحو مرحلة جديدة من التحول المتجدد

بوابة الأعمال السورية – دمشق، 10 حزيران 2025
مع رفع العقوبات الدولية في مطلع عام 2025، وعودة النظام المالي العالمي إلى سوريا عبر SWIFT، دخل قطاع الطاقة السوري مرحلة انتقالية بالغة الأهمية. وسط سعي متزايد نحو الاستقلال الطاقي وتنويع المصادر، يبرز التحول إلى الطاقة المتجددة كأحد أهم مسارات التعافي الاقتصادي ودعم إعادة الإعمار.
🔌 أولًا – العرض: تنويع المصادر وعودة الإنتاج
في عام 2025، بدأت تظهر مؤشرات أولية على تحسن في القدرة الإنتاجية للطاقة:
- إعادة تشغيل محطة زيزون في حلب رفع إنتاجها بنسبة 15% مقارنة بـ2024.
- انطلاق مشاريع الطاقة الشمسية في ريف حمص والسويداء، بدعم صيني وروسي.
- عودة سويفت ساعدت في تأمين مستلزمات الطاقة المتجددة (ألواح شمسية، توربينات).
بلغت مساهمة الطاقة الشمسية نحو 5% من إجمالي إنتاج الكهرباء في 2025، مقارنة بأقل من 1% في 2024.
لكن تبقى القدرة الإنتاجية الوطنية أقل بكثير من الطلب، ما يبرز الحاجة إلى تنويع إضافي، وتوسيع استثمارات الطاقة النظيفة.
⚡ ثانيًا – الطلب: الصناعات تقود زيادة الاستهلاك
ارتفع الطلب على الكهرباء بنسبة 20% في 2025 نتيجة:
- إعادة تشغيل المصانع وخاصة في قطاعات النسيج والصناعات الغذائية
- عودة المهجرين تدريجيًا إلى المدن الكبرى
- تحسن القدرة الشرائية بعد استقرار سعر الصرف
يشكل القطاع الصناعي حوالي 40% من الاستهلاك الوطني للطاقة، بينما تمثل الأسر 50%، لكن ارتفاع الأسعار لا يزال يثقل كاهل ذوي الدخل المحدود، ما يتطلب حلول دعم ذكية للطاقة المنزلية.
⚠️ ثالثًا – التحديات: معوقات التمويل والحوكمة
رغم الزخم الإيجابي، يواجه السوق عراقيل هيكلية تشمل:
1. نقص التمويل
تُقدّر حاجة محطات الطاقة السورية إلى استثمارات تفوق 3 مليارات دولار لإعادة التأهيل والتحديث.
2. الفساد الإداري
ضعف الشفافية في تخصيص الموارد وتوزيع المشاريع يعيق فعالية الإصلاحات ويقوض ثقة المستثمرين.
3. ضعف الكوادر الفنية
نقص الكفاءات المؤهلة لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة يبطئ التنفيذ، ويزيد الاعتماد على الشركاء الأجانب.
4. تكاليف الوقود
ارتفاع أسعار الوقود المستورد، خاصة مع اضطراب سلاسل التوريد، يرفع كلفة الإنتاج الكهربائي.
🌱 رابعًا – الفرص: طاقة متجددة واستثمار أجنبي مباشر
في المقابل، يحمل المشهد الجديد فرصًا نوعية:
- شراكات دولية مع الصين، روسيا، وألمانيا لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية والريحية
- إمكانية خفض الاعتماد على الوقود المستورد بنسبة 30% خلال 5 سنوات
- دعم مشاريع الزراعة الصناعية باستخدام طاقة متجددة
- تعزيز التدريب الفني عبر شراكات مع الجامعات والمعاهد الأوروبية
- فرص لإنشاء مناطق حرة للطاقة الخضراء في محيط المدن الصناعية
تشير التوقعات إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الطاقة يمكن أن يتجاوز 1 مليار دولار خلال عامين، في حال توفر بيئة قانونية مستقرة.
✅ الرأي والاستنتاجات: إصلاح الطاقة رافعة للنمو الاقتصادي
يمثل قطاع الطاقة أحد أعمدة التعافي السوري، لكن استثماره الفعلي يتطلب:
- سياسات واضحة ومستقرة لجذب المستثمرين
- تحفيز الإنتاج المحلي للطاقة عبر إعفاءات ومزايا ضريبية
- تطوير شبكة نقل وتوزيع وطنية مرنة وذكية
- إنشاء هيئة تنظيمية مستقلة تضمن الحوكمة والشفافية
- إطلاق برامج تأهيل الكوادر الوطنية في مجالات الطاقة المتجددة والميكانيكا الصناعية
مع هذه الإصلاحات، يمكن أن يتحول قطاع الطاقة من عبء إلى رافعة تنموية، تخدم الصناعة، توفر فرص العمل، وتخفض كلفة الإنتاج، مما يعزز استقرار الاقتصاد السوري في مرحلة ما بعد التحرير.