سوق العقارات في سوريا بعد رفع العقوبات: انتعاش حذر وفرص واعدة

بوابة الأعمال السورية – دمشق، 19 حزيران 2025
بعد سنوات من الركود والدمار، بدأ سوق العقارات السوري في عام 2025 يشهد إشارات انتعاش لافتة، مدفوعةً برفع العقوبات الدولية وإعادة تفعيل نظام SWIFT. هذا التحول أعاد الاهتمام المحلي والدولي بالاستثمار العقاري، خصوصًا في المدن الكبرى مثل دمشق وحلب، وأعاد فتح ملف الإسكان كأحد أعمدة إعادة الإعمار.
في هذا التحليل، نسلّط الضوء على العوامل المحركة للسوق، أنماط العرض والطلب، أبرز التحديات، والفرص الكامنة التي قد تجعل العقارات محركًا محوريًا للاقتصاد السوري في المرحلة القادمة.
🧱 أولًا – الخلفية: من التدهور إلى الانتعاش الحذر
خلال أكثر من عقد من الصراع، عانى سوق العقارات من:
- دمار واسع في البنية التحتية والمنازل
- هجرة جماعية للسكان داخل وخارج البلاد
- تجميد شبه كامل للمشاريع الاستثمارية والعمرانية
- قيود مصرفية شديدة حدّت من عمليات البيع والشراء
لكن مع رفع العقوبات مطلع 2025 وعودة النظام المصرفي للتفاعل مع الأسواق الدولية، بدأت التدفقات المالية تتجه مجددًا نحو قطاع العقارات، خاصة من قبل المغتربين والمستثمرين العرب، مدفوعة بفرص التملك بأسعار لا تزال متدنية مقارنة بالأسواق المجاورة.
📊 ثانيًا – التحليل: مؤشرات على التعافي
🔼 أسعار العقارات
ارتفعت أسعار العقارات في دمشق بنسبة 20% خلال النصف الأول من 2025، مدفوعةً بزيادة الطلب من:
- المغتربين العائدين للاستقرار
- مستثمرين خليجيين مهتمين بمشاريع تجارية وسياحية
- شركات مقاولات محلية بدأت بإعادة إعمار أحياء مدمرة
🏗️ مشاريع إعادة إعمار
شهدت حلب وريفها انطلاق عدة مشاريع ترميم وتطوير، شملت:
- إعادة تأهيل مجمعات سكنية مدمرة
- فتح أراضٍ للاستثمار العقاري بنظام المشاركة مع الحكومة
- توسعة للمناطق الصناعية والخدمية لجذب الاستثمارات
💳 دور SWIFT
أسهمت عودة نظام SWIFT في:
- تسهيل تحويل الأموال من المغتربين إلى الداخل
- تمكين المستثمرين الأجانب من تنفيذ عمليات شراء قانونية
- تشجيع شركات تطوير عقاري على إعادة تفعيل المشاريع المؤجلة
⚠️ ثالثًا – التحديات: العقبات التي تعرقل تسارع النمو
رغم المؤشرات الإيجابية، لا يزال القطاع يواجه عراقيل جدية:
1. نقص التمويل العقاري
لا تزال المصارف المحلية متحفظة في تقديم قروض سكنية بسبب ضعف السيولة، مما يقيّد قدرة الطبقة المتوسطة على الشراء.
2. ارتفاع تكاليف البناء
أسعار الحديد، الإسمنت، والعمالة المؤهلة ارتفعت بنحو 30-40% مقارنة بعام 2022، ما يزيد من كلفة المشاريع.
3. غياب الوضوح القانوني
العديد من المستثمرين يشكون من غموض قوانين الملكية، خاصة في حالات الشراكة مع الدولة أو ملكيات متنازع عليها.
4. ضعف البنية التحتية
غياب الكهرباء، وشبكات الطرق والمياه، في بعض المناطق يحد من صلاحيتها الفعلية للسكن أو الاستثمار.
🌐 رابعًا – التوصيات والفرص
لكي يتحول السوق العقاري إلى محرك اقتصادي فعلي، توصي بوابة الأعمال السورية بما يلي:
- إطلاق برنامج قروض سكنية ميسرة مخصص للطبقة الوسطى والموظفين
- سن تشريعات واضحة لحماية حقوق الملكية وتسوية النزاعات العقارية
- تشجيع الشراكات بين القطاع العام والخاص لبناء مشاريع إسكان منظم
- إعفاءات ضريبية مؤقتة لمشاريع البناء في المناطق المدمرة
- إطلاق منصات إلكترونية موثوقة لتوثيق عمليات البيع والشراء وتحديد الأسعار
✅ الاستنتاج: قطاع واعد ينتظر التنظيم والثقة
إن سوق العقارات السوري يقف اليوم أمام فرصة نادرة ليكون أحد ركائز مرحلة التعافي الاقتصادي. الطلب موجود، والمغتربون على استعداد للاستثمار، والمستثمرون الإقليميون يتابعون التطورات.
لكن نجاح هذا القطاع لن يتحقق دون إصلاحات تشريعية، وضمانات مالية، وبنية تحتية قابلة للنمو. الاستثمار في العقارات يجب ألا يكون عشوائيًا، بل موجهًا ومبنيًا على رؤية وطنية شاملة.
مع التنفيذ السليم، يمكن أن يتحول سوق العقارات إلى قاطرة استقرار اجتماعي واقتصادي في سوريا ما بعد الحرب.