سياسة الإعفاءات الضريبية في سوريا: محفّز استثماري أم تحدٍّ مالي؟

بوابة الأعمال السورية – دمشق، 21 حزيران 2025
في ظل السعي لتحفيز الاقتصاد المحلي بعد سنوات من العقوبات، أطلقت الحكومة السورية في مطلع عام 2025 سياسة إعفاءات ضريبية واسعة بهدف استقطاب استثمارات جديدة وتحفيز القطاع الخاص.
هذا التحليل يُقيّم أثر هذه السياسة على بيئة الاستثمار والنمو الاقتصادي الكلي، كما يناقش ما إذا كانت فعالة على المدى الطويل في دعم إعادة الإعمار.
🏛️ خلفية: بيئة ضريبية معطّلة ما قبل 2025
خلال سنوات العقوبات، كان مناخ الاستثمار في سوريا يعاني من:
- عبء ضريبي مرتفع وغير متوازن
- بيروقراطية معقدة تعرقل ترخيص المشاريع
- غياب الحوافز الجاذبة للمستثمرين المحليين والدوليين
مع رفع بعض القيود الدولية في 2025، أصدرت الحكومة حزمة تشريعية تضمنت إعفاءات ضريبية لمدة خمس سنوات للمشاريع الصناعية والاستثمارية، خاصة في المدن الصناعية مثل حسياء (حمص) ودرعا، في محاولة لتحفيز النشاط الإنتاجي وخلق فرص عمل.
📊 التحليل: استثمارات نشطة لكن محدودة الأثر حتى الآن
تشير بيانات النصف الأول من 2025 إلى ما يلي:
- استثمارات جديدة بقيمة 500 مليون دولار دخلت السوق، خصوصًا في قطاعات الصناعة والبناء
- تم خلق أكثر من 10,000 فرصة عمل، معظمها في المدن المتضررة مثل حلب ودير الزور
- أسهمت عودة نظام SWIFT في تسهيل القروض والتمويل الدولي، ما زاد من قدرة المستثمرين على دخول السوق
هذه النتائج تشير إلى أن السياسة بدأت تؤتي ثمارها، لا سيما في دفع عجلة الاستثمار في المناطق الخارجة من النزاع، وتعزيز الأمل بعودة النشاط الاقتصادي تدريجيًا.
⚠️ التحديات: بين الفعالية المؤقتة ومخاطر التحيّز
رغم المكاسب الأولية، تواجه سياسة الإعفاءات عدة تحديات هيكلية قد تقوّض فعاليتها:
1. ضعف الشفافية
ظهرت انتقادات حول تمييز بعض الشركات في منح الإعفاءات، مما يثير تساؤلات حول العدالة ومخاطر الفساد الإداري.
2. انخفاض الإيرادات الحكومية
قد يؤدي تنازل الدولة عن العائدات الضريبية إلى إضعاف قدرتها على تمويل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة، خاصة في ظل غياب مصادر دخل بديلة.
3. غياب الإصلاح الإداري الموازي
تظل البيروقراطية المعطلة والعقبات القانونية قائمة، مما يحد من تأثير الإعفاءات في تحفيز الاستثمار الفعلي، ويثني بعض المستثمرين عن الدخول رغم الحوافز.
🛠️ التوصيات: سياسة محفزة تحتاج إلى هيكلة مصاحبة
لتحقيق أثر مستدام، توصي بوابة الأعمال السورية بأن ترافق سياسة الإعفاءات بالإجراءات التالية:
- إصلاح إداري شامل لتبسيط إجراءات الترخيص والرقابة
- إصدار لوائح شفافة توضح شروط منح الإعفاءات وتطبيقها بشكل عادل
- إنشاء هيئة رقابة مستقلة لمتابعة تنفيذ الإعفاءات ومنع التلاعب أو المحاباة
- ربط الحوافز الضريبية بمؤشرات أداء واضحة مثل عدد فرص العمل، وحجم الإنتاج المحلي، ونسبة التصدير
- تعزيز الإيرادات من مصادر أخرى مثل الرسوم العادلة أو الشراكات العامة–الخاصة لتفادي العجز المالي
✅ الاستنتاج: أداة فعالة إذا ارتبطت بالإصلاح
تمثل سياسة الإعفاءات الضريبية خطوة مهمة نحو جذب الاستثمار وتحفيز النمو في سوريا بعد التحرير، لكنها لا يمكن أن تنجح بمعزل عن إصلاح شامل في البنية المؤسسية والبيئة القانونية.
إذا ما اقترنت هذه السياسة بـ حوكمة فعالة وشفافية كاملة، يمكن أن تتحول إلى أداة استراتيجية لتمويل التنمية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي في السنوات المقبلة.