عودة سويفت إلى البنوك السورية: خطوة أولى في طريق التعافي أم استقرار مؤقت؟

بوابة الأعمال السورية – 25 حزيران 2025
بعد أكثر من عقد من العزلة المالية الناتجة عن العقوبات الغربية، أعلنت السلطات السورية مطلع عام 2025 عن إعادة تفعيل الاتصال بنظام التحويلات المالية العالمية SWIFT، في خطوة وُصفت بأنها تحول نوعي في بيئة الأعمال السورية.
يهدف هذا التحليل إلى تقييم التأثيرات الاقتصادية لهذه الخطوة، لا سيما على استقرار الليرة السورية، تدفقات رأس المال، ومستويات النمو الاقتصادي.
🕰️ خلفية: العزلة المالية وتداعياتها
طوال سنوات العقوبات، واجه النظام المصرفي السوري شللًا في التواصل مع المنظومة المصرفية العالمية، ما اضطر البنوك إلى الاعتماد على قنوات غير رسمية لتحويل الأموال.
هذا الوضع أدى إلى:
- ارتفاع كلفة المعاملات الدولية
- تقلّص تحويلات المغتربين
- زيادة الاعتماد على السوق الموازية
- تدهور ثقة المستثمرين والقطاع الخاص
إعادة تفعيل سويفت تعني عودة البنوك السورية إلى شبكة عالمية موثوقة، ما قد ينعكس إيجابًا على بيئة الأعمال والثقة في النظام المالي المحلي.
💹 التأثيرات المباشرة: استقرار نسبي وتحسن في المؤشرات
منذ بدء العمل مجددًا بـ SWIFT في بداية العام، ظهرت مؤشرات مشجعة في عدد من المحاور الاقتصادية:
🔸 تحسن سعر الصرف:
انخفضت الفجوة بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية بشكل ملحوظ.
- 2024: متوسط 15,000 ل.س/دولار
- يونيو 2025: نحو 10,000 ل.س/دولار
هذا التحسن ساهم في تهدئة معدلات التضخم، لا سيما في أسعار المواد الأساسية (الخبز، الوقود، النقل).
🔸 تدفقات التحويلات:
شهدت تحويلات المغتربين، التي تمثّل حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي، نموًا بنحو 30% خلال النصف الأول من العام، مدفوعة بتيسير إجراءات التحويل عبر القنوات الرسمية، ما زاد من السيولة المتاحة للأسر والمشاريع الصغيرة.
🔸 دعم للنمو الاقتصادي:
تقديرات محلية تشير إلى إمكانية تسجيل نمو اقتصادي بنسبة 4% في عام 2025، مدفوعًا بتحسن بيئة التحويلات، وفتح منافذ تصدير جديدة نحو العراق ولبنان.
ومع ذلك، يبقى النمو هشًا بسبب:
- استمرار ضعف البنية التحتية
- ارتفاع معدلات البطالة (40% تقريبًا)
- ضعف الاستثمارات الإنتاجية طويلة الأجل
🧭 قراءة استراتيجية: فرصة محفوفة بالتحديات
عودة سويفت ليست علاجًا سحريًا لجميع التشوهات الاقتصادية، لكنها تُعد نافذة فرصة لا يمكن تجاهلها.
- ✅ يمكن أن تمثّل منصة لاستعادة الثقة بالقطاع المصرفي.
- ✅ تُشجّع على زيادة الشفافية المالية وجذب بعض الاستثمارات.
- ❌ لكنها لن تؤدي إلى استقرار مستدام ما لم تترافق مع إصلاحات هيكلية عميقة تشمل:
- تحديث التشريعات المصرفية
- تعزيز الحوكمة
- إعادة هيكلة البنية التحتية للتمويل والإنتاج
📝 الاستنتاج: بداية الطريق لا نهايته
إعادة تفعيل نظام سويفت تشكّل خطوة في الاتجاه الصحيح، وتمنح الاقتصاد السوري فرصة للتنفس بعد سنوات من الانكماش.
لكن الاستفادة من هذه الخطوة تتطلب رؤية حكومية واضحة واستثمارًا ذكيًا لتحويل التدفقات المالية إلى نمو إنتاجي حقيقي.
بدون معالجة التحديات الهيكلية، تبقى هذه المؤشرات الإيجابية عرضة للتقلبات، ويظل الاقتصاد معرضًا للارتداد عند أول صدمة خارجية أو داخلية.