مؤتمر الذكاء الاصطناعي 2025 تحت شعار “إنضم إلينا لاكتشاف أحدث تطورات الذكاء الاصطناعي

دمشق – فندق البوابات السبع (الشيراتون سابقًا) ـ 6–7 أيار 2025
مقدمة
انعقد مؤتمر الذكاء الاصطناعي الأول في سوريا (AI-SYRIA 2025) يومي 6 و7 أيار 2025 في فندق البوابات السبع بدمشق، ليُشكل حدثًا بارزًا في مسيرة التحول الرقمي في سوريا. نظمته وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات بالتعاون مع الاتحاد العربي للإنترنت والاتصالات والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، وجذب المؤتمر أكثر من 2000 مشارك، بما في ذلك خبراء دوليون من الصين، بريطانيا، أمريكا، ودول عربية. بحسب موقع المؤتمر (https://ai-syria.net/)، جاء هذا الحدث تحت شعار “إنضم إلينا لاكتشاف أحدث تطورات الذكاء الاصطناعي”، بهدف جمع المبتكرين والمهتمين لاستكشاف إمكانيات الذكاء الاصطناعي في دعم الاقتصاد السوري. يهدف هذا المقال إلى تحليل أهمية المؤتمر، أهدافه، تحدياته، وتأثيره المحتمل على المشهد الرقمي في سوريا.
سياق المؤتمر
يأتي AI-SYRIA 2025 في وقت تشهد فيه سوريا جهودًا مكثفة لإعادة بناء اقتصادها بعد سنوات من الصراع. مع تزايد الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي، الذي من المتوقع أن يسهم بـ15.7 تريليون دولار في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030، تسعى سوريا للاستفادة من هذه التقنية لتعزيز الكفاءة والابتكار في قطاعات مثل الصحة، التعليم، والزراعة. يعكس المؤتمر طموح الحكومة لتحويل سوريا إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا، رغم التحديات الكبيرة مثل ضعف البنية التحتية ونقص الكوادر المؤهلة.
الأهداف الرئيسية
وفقًا لموقع المؤتمر، ركز AI-SYRIA 2025 على تعزيز التحول الرقمي من خلال:
- استكشاف التطورات الحديثة: عرض أحدث التطبيقات في الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك التعلم الآلي، معالجة اللغة الطبيعية، والرؤية الحاسوبية.
- تعزيز الشراكات: توفير منصة للتواصل بين الشركات المحلية والدولية لتبادل الخبرات وجذب الاستثمارات.
- تمكين الشباب: تقديم برامج تدريبية لتأهيل الكوادر السورية في مجال الذكاء الاصطناعي.
- تطوير البنية التحتية: مناقشة جاهزية سوريا لتبني تقنيات مثل شبكات الجيل الخامس (5G) والذكاء الاصطناعي.
- دعم القطاعات الحيوية: تطبيق الذكاء الاصطناعي في الصحة، التعليم، الزراعة، والخدمات الحكومية لتحسين الكفاءة.
الفعاليات والمميزات
تضمن المؤتمر، بحسب الموقع الرسمي، مجموعة من الفعاليات التفاعلية التي عززت من تجربة المشاركين:
- جلسات متخصصة: تناولت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاعات مثل الرعاية الصحية (كالكشف المبكر عن الأمراض) والزراعة (كتحسين إنتاجية المحاصيل).
- عروض تقنية: شملت تجارب حية لشبكات 5G وتطبيقات الواقع الافتراضي (VR).
- هاكاثون: فعالية تنافسية لتطوير حلول ذكاء اصطناعي مبتكرة تناسب السياق السوري.
- معارض تقنية: عرضت شركات عالمية ومحلية حلولها التقنية، مما عزز فرص التعاون.
شهد اليوم الأول مشاركة أكثر من 600 شخص، مما يعكس الاهتمام الكبير بالحدث. كما ركزت الجلسات على مناقشة الأمن السيبراني، حيث أكد المشاركون على أهمية الذكاء الاصطناعي في حماية البنية التحتية الرقمية من التهديدات السيبرانية.
التحديات
على الرغم من الطموحات الكبيرة، واجه المؤتمر تحديات جوهرية أبرزها:
- البنية التحتية الضعيفة: وفقًا لتقرير DataReportal لعام 2025، فإن نسبة انتشار الإنترنت في سوريا لا تتجاوز 46.5%، مع سرعات إنترنت محدودة (12.68 ميغابت/ثانية للإنترنت المحمول و3.40 ميغابت/ثانية للإنترنت الثابت). هذه القيود تعيق تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي.
- نقص الكوادر: دراسة أجريت عام 2022 أظهرت أن 70% من الأطباء والطلاب الطبيين في سوريا لديهم معرفة أساسية بالذكاء الاصطناعي، لكن 23.7% فقط يعرفون تطبيقاته الطبية، مما يشير إلى فجوة في التأهيل.
- قيود اقتصادية: غياب استثمارات كافية في القطاع التقني، إلى جانب هجرة العقول، يحد من قدرة سوريا على بناء نظام بيئي تقني مستدام.
- الأمن السيبراني: مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا، تبرز الحاجة إلى حماية البيانات، خاصة في ظل التحذيرات السابقة من استخدام الذكاء الاصطناعي في حملات التضليل.
التأثير المحتمل
يمثل AI-SYRIA 2025 نقطة انطلاق لتحقيق طفرة رقمية في سوريا، مع تأثيرات محتملة تشمل:
- اقتصادية: تعزيز الكفاءة في القطاعات الحيوية مثل الصحة والزراعة، مما يقلل التكاليف ويحسن الإنتاجية. على سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين التشخيص الطبي في ظل نقص الأطباء المتخصصين.
- اجتماعية: تمكين الشباب من خلال برامج التدريب، مما يسهم في خلق فرص عمل جديدة. توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي تشير إلى أن الذكاء الاصطناعي سيخلق 78 مليون وظيفة عالميًا بحلول 2030.
- دولية: جذب استثمارات أجنبية من خلال الشراكات مع شركات عالمية، مما يعزز مكانة سوريا كوجهة تقنية إقليمية.
- سياسية: تعزيز صورة سوريا كدولة تسعى للابتكار والتعافي، مما يدعم جهود إعادة الإعمار.
تحليل نقدي
على الرغم من النجاح الواضح للمؤتمر في استقطاب مشاركين دوليين ومحليين، إلا أن تحقيق الأهداف طويلة المدى يتطلب معالجة التحديات الهيكلية. ضعف البنية التحتية الرقمية، على سبيل المثال، يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيطًا استراتيجيًا لتوسيع شبكات الإنترنت وتحسين سرعات الاتصال. كما أن نجاح المؤتمر في إلهام الشباب يجب أن يترجم إلى برامج تدريبية مستمرة وإنشاء مراكز بحثية محلية. علاوة على ذلك، يجب أن يترافق التركيز على الذكاء الاصطناعي مع إطار أخلاقي واضح لضمان استخدامه بطريقة عادلة وآمنة، خاصة في سياق التحذيرات من إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي في حملات التضليل.
الخاتمة
كان مؤتمر الذكاء الاصطناعي الأول في سوريا 2025 بمثابة إعلان جريء عن طموح سوريا لتبني التحول الرقمي كجزء من رؤيتها لإعادة الإعمار. من خلال جمع الخبراء، المبتكرين، وصناع القرار، قدم المؤتمر منصة لاستعراض الإمكانيات الهائلة للذكاء الاصطناعي، مع تسليط الضوء على التحديات التي يجب التغلب عليها. إذا تم دعم مخرجات المؤتمر بخطط تنفيذية واستثمارات مستدامة، فقد يكون AI-SYRIA 2025 بداية لعصر جديد من الابتكار يعيد تشكيل الاقتصاد السوري ويعزز مكانته في المشهد التقني الإقليمي والعالمي.
